الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع
.كِتَابُ (الْأَطْعِمَةِ): (وَاحِدُهَا طَعَامٌ وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهْرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ مَا يُؤْكَلُ وَرُبَّمَا خُصَّ بِهِ الْبُرُّ (وَالْمُرَادُ هُنَا بَيَانُ مَا يَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ وَمَا يُبَاحُ) أَكْلُهُ وَشُرْبُهُ (وَالْأَصْلُ فِيهَا الْحَلُّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} وَقَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} وَقَوْلِهِ {قُلْ أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ} وَقَوْلِهِ {وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ} فَجَعَلَ الطَّيِّبَ صِفَةً فِي الْمُبَاحِ عَامَّةً تُمَيِّزُهُ عَنْ الْمُحَرَّمِ.وَجَعَلَ الْخَبِيثَ صِفَةً فِي الْمُحَرَّمِ تُمَيِّزُهُ عَنْ الْمُبَاحِ وَالْمُرَادُ بِالْخَبِيثِ هُنَا كُلُّ مُسْتَخْبَثٍ فِي الْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِهِ الْحَرَامَ لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِأَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَمَّا يَحِلُّ فَلَوْ بِهِ أُرِيدَ الْحَرَامُ وَبِالطَّيِّبِ الْحَلَالُ لَكَانَ مَعْنَاهُ الْحَلَالُ هُوَ الْحَلَالُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (فَيُبَاحُ كُلُّ طَعَامِ ظَاهِرٍ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهَا) كَالنَّبَاتَاتِ غَيْرِ الْمُضِرَّةِ (حَتَّى الْمِسْكِ وَالْفَاكِهَةِ الْمُسَوِّسَةِ وَالْمُدَوِّدَةِ وَيُبَاحُ أَكْلُهَا) أَيْ الْفَاكِهَةِ (بِدُودِهَا) فَيُؤْكَلُ تَبَعًا لَهَا لَا اسْتِقْلَالًا (وَ) يُبَاحُ أَكْلُ (بَاقِلًا بِذُبَابِهِ وَ) أَكْلُ (خِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَحُبُوبٍ وَخَلٍّ بِمَا فِيهِ) مِنْ نَحْوِ دُودٍ (تَبَعًا) لَهَا وَ(لَا) يُبَاحُ (أَكْلُ دُودِهَا وَنَحْوِهَا) كَسُوسِهَا (أَصْلًا) اسْتِقْلَالًا.(وَلَا) يُبَاحُ (أَكْلُ النَّجَاسَاتِ كَالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} (وَالرَّجِيعِ) أَيْ الرَّوْثِ (وَالْبَوْلِ وَلَوْ كَانَا طَاهِرَيْنِ) لِاسْتِقْذَارِهِمَا (بِلَا ضَرُورَةٍ) فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا جَازَ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْجَنَائِزِ: يَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ إبِلٍ.(وَلَا) يُبَاحُ (أَكْلُ الْحَشِيشَةِ الْمُسْكِرَةِ وَتُسَمَّى حَشِيشَةِ الْفُقَرَاءِ) لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (وَلَا) يُبَاحُ كُلُّ (مَا فِيهِ مَضَرَّةٌ مِنْ السُّمُومِ وَغَيْرِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ}.وَفِي الْوَاضِحِ: الْمَشْهُورِ أَنَّ السُّمَّ نَجِسٌ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِأَكْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الذِّرَاعِ الْمَسْمُومَةِ (وَفِي التَّبْصِرَةِ مَا يَضُرُّ كَثِيرُهُ يَحِلُّ يَسِيرُهُ) فَيُبَاحُ يَسِيرُ السَّقَمُونْيَا وَالزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ (وَيَحْرُمُ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الْآدَمِيُّ) لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ} وَلِمَفْهُومِ حَدِيثِ «أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ».(وَالْحُمُرُ الْأَهْلِيَّةُ وَلَوْ تَوَحَّشَتْ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ فِي تَحْرِيمِهَا وَسَنَدُهُ حَدِيثُ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحُكْمُ لَبَنِهَا حُكْمُهَا وَرَخَّصَ فِيهِ عَطَاءُ وَطَاوُسُ وَالزُّهْرِيُّ.(وَالْخِنْزِيرُ) بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ مَعَ أَنَّ لَهُ نَابًا يَفْتَرِسُ بِهِ.(وَمَا لَهُ نَابٌ يَفْتَرِسُ بِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (سِوَى الضَّبُعُ) فَإِنَّهُ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ لَهُ نَابٌ لِمَا رَوَى جَابِرٌ قَالَ «سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الضَّبُعِ فَقَالَ، هُوَ صَيْدٌ وَيُجْعَلُ فِيهِ كَبْشٌ إذَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهَذَا خَاصٌّ فَيَقْدَمُ عَلَى الْعَامِّ.وَمَا لَهُ نَابٌ (كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَذِئْبٍ وَفَهْدٍ وَكَلْبٍ وَابْنِ آوَى) شِبْهَ الْكَلْبَ وَرَائِحَتُهُ كَرِيهَةٌ (وَابْنِ عِرْسٍ) بِالْكَسْرِ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَسِنَّوْرٍ أَهْلِيٍّ وَبِرِّيٍّ) وَمِنْ أَنْوَاعِهِ أَلْتَفَّا كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (وَنِمْسٍ وَقِرْدٍ وَلَوْ صَغِيرًا لَمْ يَنْبُتْ نَابُهُ وَدُبٍّ وَفِيلٍ وَثَعْلَبٍ) لِمَا رَوَى أَبُو ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيُّ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَرَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ أَكْلِ الْهِرِّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ.وَرَوَى الشَّعْبِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لَحْمِ الْقِرْدِ» (وَيَحْرُمُ سِنْجَابٌ وَسَمُّورٌ وَفَنَكٌ) بِفَتْحِ النُّونِ لِحَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ لَهَا نَابًا.(وَ) يَحْرُمُ أَيْضًا (مَا لَهُ مِخْلَبٌ مِنْ الطَّيْرِ يَصِيدُ بِهِ كَعُقَابٍ وَبَازِي وَصَقْرٍ وَشَاهِينِ وَحِدَأَةٍ وَبُومَةٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي مِخْلَبٍ مِنْ الطَّيْرِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.(وَمَا يَأْكُلُ الْجِيَفَ كَنِسْرٍ وَرُخْمٍ وَلَقْلَقٍ) مَقْصُورٌ مِنْ اللَّقْلَاقِ أَعْجَمِيٌّ طَائِرٌ نَحْوَ الْإِوَزَّةِ طَوِيلُ الْعُنُقِ يَأْكُلُ الْحَيَّاتِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَعَقْعَقٍ) بِوَزْنِ جَعْفَرٍ طَائِرُ نَحْوَ الْحَمَامَةِ طَوِيلُ الذَّنَبِ فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْغِرْبَانِ تَتَشَاءَمُ بِهِ الْعَرَبُ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَهُوَ) أَنَّ الْعَقْعَقَ وَ(الْقَاقَ وَغُرَابَ الْبَيْنِ وَالْأَبْقَعَ).لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «خَمْسٌ فَوَاسِقٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» الْخَبَرُ فَذَكَرَ مِنْهَا الْغُرَابَ وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ لِلْمُشَارَكَةِ فِي أَكْلِ الْجِيَفِ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَ قَتْلَهَا فِي الْحَرَمِ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ صَيْدٍ مَأْكُولٍ فِي الْحَرَمِ (وَمَا تَسْتَخْبِثُهُ) أَيْ تَسْتَقْذِرُهُ (الْعَرَبُ ذَوُو الْيَسَارِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ) لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ الْكِتَابُ وَخُوطِبُوا بِهِ وَبِالسُّنَّةِ فَرَجَعَ فِي مُطْلَقِ أَلْفَاظِهَا إلَى عُرْفِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ (وَلَا عِبْرَةَ بِأَهْلِ الْبَوَادِي) مِنْ الْأَعْرَابِ الْجُفَاةِ لِأَنَّهُمْ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَجَاعَةِ يَأْكُلُونَ كُلَّ مَا وَجَدُوهُ وَلِهَذَا سُئِلَ بَعْضُهُمْ عَمَّا يَأْكُلُونَ فَقَالَ مَا دَبَّ وَدَرَجَ إلَّا أُمُّ حُبَيْنٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَة وَالْبَاء الْمُوَحَّدَة فَقَالَ أَيُّهُنَّ أُمُّ حُبَيْنٍ الْعَاقِبَةُ تَأْمَنُ أَنْ تُطْلَبَ فَتُؤْكَلَ أُمُّ حُبَيْنٍ الْخَنَافِسُ الْكِبَارُ وَاَلَّذِي تَسْتَخْبِثُهُ الْعَرَبُ ذَوُو الْيَسَارِ (كَالْقُنْفُذِ وَالدُّلْدُلِ وَهُوَ عَظِيمُ الْقَنَافِذِ قَدْرَ السَّخْلَةِ وَيُسَمَّى النَّيْصَ عَلَى ظَهْرِهِ شَوْكٌ طَوِيلٌ نَحْوَ ذِرَاعٍ وَالْحَشَرَاتُ كُلُّهَا كَدِيدَانِ وَجِعْلَانٍ وَبَنَاتٍ وَرْدَانٍ) نَحْوَ الْخُنْفُسَاءِ حَمْرَاءُ اللَّوْنِ.وَأَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَالْكُنُفِ (وَخَنَافِسُ وَأَوْزَاعُ وَصَرَاصِرُ وَحِرْبَاءُ وَعِضَاه وَجَرَادِينَ وَخُلْدٌ وَفَأْرٌ وَحَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وَخُفَّاشٌ وَخُشَافٌ وَهُوَ الْوَطْوَاطُ وَزُنْبُورٌ وَنَحْلٌ وَنَمْلٌ وَذُبَابٌ وَطَبَابِيعُ) قَمْلُ أَحْمَرُ (وَقَمْلٌ وَبَرَاغِيثُ وَنَحْوُهَا وَهُدْهُدُ وَصُرَدُ) كَعُمَرَ نَوْعٌ مِنْ الْغِرْبَانِ وَهُوَ طَائِرٌ أَبْقَعُ أَبْيَضُ الْبَطْنِ أَخْضَرُ الظَّهْرِ ضَخْمُ الرَّأْسِ وَالْمِنْقَارِ يَصِيدُ الْعَصَافِيرَ وَصِغَارُ الطَّيْرِ وَيُصَرْصِرُ كَالصَّقْرِ لَا يُرَى إلَّا فِي شُعَبٍ أَوْ شَجَرَةٍ وَلَا يَكَادُ يُقْدَرُ عَلَيْهِ الْأُنْثَى صِرْدَةٌ وَالْجَمْعُ صِرْدَانُ وَيُقَالُ لَهُ الْوَاقُ وَهُوَ طَائِرُ دَمَّامٌ وَمِنْهُ نَوْعٌ أَسْوَدُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْعَقْعَقَ (وَغُدَافٌ) كَغُرَابٍ وَجَمْعُهُ غِدْفَانُ كَغِرْبَانٍ وَيُقَالُ هُوَ غُرَابُ الْغَيْطِ.(وَخُطَّافٌ) طَائِرٌ أَسْوَدُ مَعْرُوفٌ (وَأَخْيَلُ وَهُوَ الشِّقِرَّاقُ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَبِكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةٌ وَبِكَسْرِ الشِّينِ مَعَ التَّثْقِيلِ وَأَنْكَرَهَا بَعْضُهُمْ وَبِكَسْرِ الشِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَهُوَ دُونَ الْحَمَامَةِ أَخْضَرُ اللَّوْنِ أَسْوَدُ الْمِنْقَارِ بِأَطْرَافِ جَنَاحَيْهِ سَوَادٌ وَبِظَاهِرِهِمَا حُمْرَةٌ ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَسُنُونُو وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْخُطَّافِ وَغَيْرِهَا مِمَّا أَمَرَ الشَّرْعُ بِقَتْلِهِ أَوْ نَهَى عَنْهُ وَمَا لَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ مِنْ أَمْصَارِ الْحِجَازِ وَقُرَاهَا وَلَا ذُكِرَ فِي الشَّرْعِ يُرَدُّ إلَى أَقْرَبِ الْأَشْيَاءِ شَبَهًا بِهِ) أَيْ بِالْحِجَازِ (فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ الْمُحَرَّمَاتِ (فَمُبَاحٌ) لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {قُلْ لَا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا} الْآيَة.(وَمَا أَحَدُ أَبَوَيْهِ الْمَأْكُولَيْنِ مَغْصُوبٌ وَ) هُوَ (كَأُمِّهِ حِلًّا وَحُرْمَةً وَمِلْكًا) فَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ هِيَ الْمَغْصُوبَةُ لَمْ تَحِلَّ هِيَ وَلَا شَيْءَ مِنْ أَوْلَادِهَا لِلْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ الْفَحْلَ وَنَزَّاهُ الْغَاصِبُ عَلَى إنَاثٍ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الْغَاصِبِ شَيْءٌ مِنْ أَوْلَادِ الْفَحْلِ الْآتِيَةِ بِهَا إنَاثُهُ فِي مِلْكِهِ.(وَلَوْ اشْتَبَهَ مُبَاحٌ وَمُحَرَّمٌ حَرُمَا) تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَظْرِ وَكَذَا لَوْ اشْتَبَهَ مَا لَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَذُكِرَ فِي الشَّرْعِ مُبَاحًا وَمُحَرَّمًا فَإِنَّهُ يَحْرُمُ.(وَيَحْرُمُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ كَالْبَغْلِ) الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ الْخَيْلِ وَالْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ (وَالسِّمْعِ) بِكَسْرِ السِّين (وَلَدِ الضَّبُعِ مِنْ الذِّئْبِ وَالْعِسْبَارِ وَلَدِ الذِّئْبِ مِنْ الزِّنْجِ وَهُوَ الضِّبْعَانُ) بِكَسْرِ الضَّاد وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَجَمْعُهُ ضَبَاعِينَ كَمَسَاكِينٍ (وَهُوَ ذُكِرَ) تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ (وَالدِّرْيَابُ وَهُوَ أَبُو زُرَيْقٍ قِيلَ إنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ الشَّقِرَّاقِ وَالْغُرَابِ وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ أَهْلِيٍّ وَوَحْشِيٍّ) كَالْحِمَارِ بَيْنَ حِمَارٍ أَهْلِيٍّ وَحِمَارٍ وَحْشِيٍّ تَغْلِيبًا (وَكَحَيَوَانٍ مِنْ نَعْجَةٍ نِصْفُهُ خَرُوفٌ وَنِصْفُهُ كَلْبٌ) فَيَحْرُمُ تَغْلِيبًا لِلْحَظْرِ.(وَيَحْرُم مَا لَيْسَ مِلْكًا لِآكِلِهِ وَلَا أَذِنَ فِيهِ رَبُّهُ وَلَا الشَّارِعُ) لِحَدِيثِ «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ» فَإِنْ أَذِنَ فِيهِ رَبُّهُ جَازَ أَكْلُهُ وَكَذَا لَوْ أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ كَأَكْلِ الْوَلِيِّ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ مِنْهُ وَالْمُضْطَرِّ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي..(فَصْلٌ): المباح من الأطعمة: (وَمَا عَدَا هَذَا) الْمَذْكُورِ مِمَّا تَقَدَّمَ تَحْرِيمُهُ (فَمُبَاحٌ كَمُتَوَلِّدٍ مِنْ مَأْكُولَيْنِ كَبَغْلٍ مِنْ حِمَارِ وَحْشٍ وَخَيْلٍ وَلَوْ) كَانَتْ الْخَيْلُ (غَيْرَ عَرَبِيَّةٍ وَوَبْرٍ) بِسُكُونِ الْبَاءِ (وَيَرْبُوعٍ) لِأَنَّ عُمَرَ قَضَى فِيهِ بِجَفْرَةٍ وَالْوَبْرُ فِي مَعْنَاهُ (وَبَقَرِ وَحْشٍ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مِنْ الْإِبِلِ وَالتَّيْتَلِ وَالْوَعِلِ وَالْمَهَا وَظِبَاءٍ وَحُمُرِ وَحْشٍ وَلَوْ تَأَنَّسَتْ وَعَلَّقَتْ) لِأَنَّ الظِّبَاءَ إذَا تَأَنَّسَتْ لَمْ تَحْرُمْ وَكَالْأَهْلِيِّ إذَا تَوَحَّشَ (وَأَرْنَبٍ وَزَرَافَةٍ) بِفَتْحِ الزَّاي وَضَمِّهَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ زَادَ الصَّفَّانِيُّ وَالْفَاءُ تُشَدَّدُ وَتُخَفَّفُ فِي الْوَجْهَيْنِ قِيلَ هِيَ مُسَمَّاةٌ بِاسْمِ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّهَا فِي صُورَةِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْحَيَوَانِ وَهِيَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْبَعِيرَ إلَّا أَنَّ عُنُقَهَا أَطْوَلُ مِنْ عُنُقِهِ وَجِسْمُهَا أَلْطَفُ مِنْ جِسْمِهِ وَيَدَاهَا أَطْوَلُ مِنْ رِجْلَيْهَا وَوَجْهُ حِلِّهَا أَنَّهَا مُسْتَطَابَةٌ لَيْسَ لَهَا نَابٌ أَشْبَهَتْ الْإِبِلَ.(وَنَعَامَةٍ) لِقَضَاءِ الصَّحَابَةِ فِيهَا بِالْفِدْيَةِ (وَضَبٍّ) قَالَ أَبُو سَعِيدٍ كُنَّا مَعْشَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يُهْدَى إلَى أَحَدِنَا ضَبٌّ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ دَجَاجَةٍ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ وَهُوَ دَابَّةٌ تُشْبِهُ الْحِرْدَوْنِ مِنْ عَجِيبِ خِلْقَتِهِ أَنَّ الذَّكَرَ لَهُ ذَكَرَانِ وَالْأُنْثَى لَهَا فَرْجَانِ تَبِيضُ مِنْهُمَا (وَضَبُعٍ) وَتَقَدَّمَ (وَإِنْ عُرِفَ) الضَّبُعُ (بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ فَ) كَانَ (كَجَلَّالَةٍ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْجَامُوسُ وَالْغَنَمُ) ضَأْنُهَا وَمَعْزُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَت لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ}.(وَدَجَاجٍ) لِقَوْلِ أَبِي مُوسَى «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ الدَّجَاجَ» (وَدُيُوكٍ وَطَاوُسٍ وَبَبَّغَاءَ وَهِيَ الدُّرَّةُ وَعَنْدَلِيبِ) وَهُوَ الْهَزَارُ وَهُوَ الشُّحْرُورُ (وَسَائِرِ الْوَحْشِ مِنْ الصَّيُودِ كُلِّهَا وَزَاغٍ) طَائِرٌ صَغِيرٌ أَغْبَرُ (وَغُرَابِ الزَّرْعِ وَهُوَ أَحْمَرُ الْمِنْقَارِ وَالرِّجْلِ) يَأْكُلُ الزَّرْعَ يَطِيرُ مَعَ الزَّاغِ لِأَنَّ مَرْعَاهُمَا الزَّرْعُ وَالْحُبُوبُ (وَحَجَلٍ وَزُرْزُورٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ نَوْعُ مِنْ الْعَصَافِيرِ (وَصَعْوَةٌ جَمْعُ صَعْوٍ وَهُوَ صِغَارُ الْعَصَافِيرِ أَحْمَرُ الرَّأْسِ وَحَمَامٍ وَأَنْوَاعِهِ مِنْ الْفَوَاخِتِ وَالْجَوَازِلِ وَالرَّقَاطِي وَالدَّيَاسِي وَسُمَّانِىِّ وَسَلْوَى وَقِيلَ هُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَعَصَافِيرَ وَقَنَابِرَ وَقَطَا وَحُبَارَى) لِقَوْلِ سَفِينَةَ «أَكَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُبَارَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (وَكُرْكِيٍّ وَكَرَوَانٍ وَبَطٍّ وَإِوَزٍّ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَغْلُظُ الْحَبُّ أَوْ يُفْدَى فِي الْإِحْرَامِ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَطَابٌ فَيَحِلُّ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّيِّبَاتِ فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيُحِلُّ لَهُمْ الطَّيِّبَاتِ}.(وَغَرَانِيقَ) قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ الْغَرَانِقُ جَمْعُ غُرْنَقٍ بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ مِنْ طَيْرِ الْمَاءِ طَوِيلُ الْعُنُقِ (وَطَيْرُ الْمَاءِ كُلُّهُ وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ) أَيْ مُبَاحٌ لِمَا سَبَقَ.(وَيُبَاحُ جَمْعُ حَيَوَانَاتِ الْبَحْرِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ} الْآيَة وَقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ مَاءِ الْبَحْرِ:«هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» رَوَاهُ مَالِكٌ (إلَّا الضِّفْدِعَ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَالدَّالِ وَالْأُنْثَى ضِفْدِعَة وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْتَحْ الدَّالَ نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ (وَالْحَيَّةُ) لِأَنَّهَا مِنْ الْخَبَائِثِ وَفِيهَا وَجْهٌ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ (وَالتِّمْسَاحُ) نَصَّ عَلَيْهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ يَأْكُلُ النَّاسَ..(فَصْل): تحريمُ الْجَلَّالَةِ: (وَتَحْرُمُ الْجَلَّالَةُ وَهِيَ الَّتِي أَكْثَرُ عَلَفِهَا النَّجَاسَةُ وَلَبَنُهَا) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَكْلِ الْجَلَّالَةِ وَأَلْبَانِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ قَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ.وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد «نَهَى عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ».وَفِي أُخْرَى لَهُ «نَهَى عَنْ رُكُوبِ جَلَّالَةِ الْإِبِلِ».وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ وَعَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ وَأَكْلِ لَحْمِهَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ (وَبِيضِهَا) لِأَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنْ النَّجَاسَةِ.(وَيُكْرَهُ رُكُوبُهَا لِأَجْلِ عَرَقِهَا) لِمَا سَبَقَ مِنْ الْأَخْبَارِ (حَتَّى تُحْبَسَ) الْجَلَّالَةُ (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ لَيَالٍ بِأَيَّامِهِنَّ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا أَرَادَ أَكْلَهَا يَحْبِسُهَا ثَلَاثًا (وَتُطْعَمُ الطَّاهِرَ وَتُمْنَعُ مِنْ النَّجَاسَةِ طَائِرًا كَانَتْ أَوْ بَهِيمَةً) إذْ الْمَانِعُ مِنْ حِلِّهَا يَزُولُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ مَا طَهَّرَ حَيَوَانًا طَهَّرَ غَيْرَهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ بِظَاهِرِهِ (وَمِثْلُهُ خَرُوفٌ ارْتَضَعَ مِنْ كَلْبَةٍ ثُمَّ شَرِبَ لَبَنًا طَاهِرًا) أَوْ أَكَلَ شَيْئًا طَاهِرًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ تَعْلِفَ النَّجَاسَةَ الْحَيَوَانَ الَّذِي لَا يُذْبَحُ) قَرِيبًا (أَوْ لَا يُحْلَبُ قَرِيبًا) قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ أَحْيَانًا قَالَ شَارِحُهُ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهَا فِي الرَّعْيِ عَلَى اخْتِيَارِهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تُعْلَفُ لِلنَّجَاسَةِ انْتَهَى قَالَ فِي الْمُبْدِعِ وَيَحْرُمُ عَلْفُهَا نَجَاسَةً إنْ كَانَتْ تُؤْكَلُ قَرِيبًا أَوْ تُحْلَبُ قَرِيبًا وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَبْحُهُ أَوْ حَلْبُهُ وَقِيلَ بِقَدْرِ حَبْسِهَا الْمُعْتَبَرِ جَازَ فِي الْأَصَحِّ كَغَيْرِ الْمَأْكُولِ عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِ.(وَإِذَا عَضَّ كَلْبٌ شَاةً وَنَحْوَهَا فَكَلِبَتْ ذُبِحَتْ) دَفْعًا لِضَرَرِهَا (وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْكَلَ لَحْمُهَا) لِضَرَرِهَا أَوْ قِيَاسًا عَلَى الْجَلَّالَةِ.(وَمَا سُقِيَ) بِنَجِسٍ (أَوْ سُمِّدَ بِنَجِسٍ) أَيْ أُصْلِحَ بِالسَّمَادِ كَسَلَامٍ فَلَا يَصْلُحُ بِهِ الزَّرْعُ مِنْ تُرَابٍ أَوْ سِرْجِينٍ (مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ يَحْرُمُ وَيُنَجَّسُ بِذَلِكَ) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ:«كُنَّا نَكْرِي أَرَاضِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَدْمُلُوهَا بِعَذِرَةِ النَّاسِ» قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَدَمَلَ الْأَرْضَ دَمْلًا وَدَمَلَانًا أَصْلَحَهَا أَوْ سَرْقَنَهَا فَتَدَمَّلَتْ صَلُحَتْ بِهِ انْتَهَى وَلَوْلَا أَنَّ مَا فِيهَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فَائِدَةٌ وَلِأَنَّهُ تَتَرَبَّى بِالنَّجَاسَةِ أَجْزَاؤُهُ وَالِاسْتِحَالَةُ لَا تُطَهِّرُ عِنْدنَا (فَإِنْ سُقِيَ) الثَّمَرُ أَوْ الزَّرْعُ أَيْ بَعْدَ أَنْ سُقِيَ النَّجَسُ أَوْ سُمِّدَ بِهِ (بِطَاهِرٍ يُسْتَهْلَكُ بِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ بِهِ طَهُرَ وَحَلَّ) لِأَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ يُطَهِّرُ النَّجَاسَاتِ وَكَالْجَلَّالَةِ إذَا حُبِسَتْ وَأُطْعِمَتْ الطَّاهِرَاتِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْقِ بِطَاهِرٍ يَسْتَهْلِكُ عَيْنَ النَّجَاسَةِ (فَلَا) يَحِلُّ لِمَا تَقَدَّمَ.(وَيُكْرَهُ أَكْلُ تُرَابٍ وَفَحْمٍ وَطِينٍ) لِضَرَرِهِ (وَهُوَ) أَيْ أَكْلُ الطِّينِ (عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ) نَقَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ لِأَنَّهُ لَا يَطْلُبُهُ إلَّا مَنْ بِهِ مَرَضٌ.وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ يُضَرُّ الْبَدَنُ) بِهِ عِلَّةً لِكَرَاهَةِ أَكْلِ الطِّينِ وَنَحْوِهِ (فَإِنْ كَانَ مِنْهُ) أَيْ الطِّينِ (مَا يُتَدَاوَى بِهِ كَالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ لَمْ يُكْرَهْ) لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهِ (وَكَذَا يَسِيرُ تُرَابٍ وَطِينٍ) بِحَيْثُ لَا يَضُرَّ فَلَا يُكْرَهُ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْكَرَاهَةِ.(وَيُكْرَهُ أَكْلُ غُدَّةٍ وَأُذُنُ قَلْبٍ) نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أُذُنِ الْقَلْبِ» وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ «كَرِهَ النَّبِيُّ أَكْلَ الْعَذِرَةِ».(وَ) يُكْرَهُ أَكْلُ (بَصَلٍ وَثُومٍ وَنَحْوِهِمَا) كَالْكُرَّاثِ (مَا لَمْ يَنْضَجْ بِطَبْخٍ) قَالَ أَحْمَدُ لَا يُعْجِبُنِي وَصَرَّحَ بِأَنَّهُ كَرِهَهُ لِمَكَانِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ (و) يُكْرَهُ (أَكْلُ كُلِّ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ دُخُولَ الْمَسْجِدِ فَإِنْ أَكَلَهُ) أَيْ الْبَصَلَ أَوْ الثُّومَ أَوْ نَحْوَهُ قَبْلَ إنْضَاجِهِ بِالطَّبْخِ (كُرِهَ دُخُولُهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ) لِحَدِيثِ «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» وَيُكْرَهُ لَهُ أَيْضًا حُضُورُ جَمَاعَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدِ وَتَقَدَّمَ.(وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (أَكْلُ حَبٍّ) مِنْ نَحْوِ بُرٍّ (دُبِّسَ بِحُمُرٍ أَهْلِيَّةٍ وَبِغَالٍ) نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُدَبِّسُوهُ بِهَا وَقَالَ حَرْبٌ أَكْرَهُهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً (وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْسَلَ) نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا يُبَاعُ وَلَا يُشْتَرَى وَلَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُغْسَلَ.(وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ أَكْلِ لَحْمٍ) قَالَهُ الْأَصْحَابُ قُلْتُ وَمُدَاوَمَةُ تَرْكِ أَكْلِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُوَرِّثُ قَسْوَةَ الْقَلْبِ (وَ) يُكْرَهُ (أَكْلُ لَحْمٍ مُنْتِنٍ وَنَيْءٍ) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ فِي الْمُنْتَهَى بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَا يُكْرَهُ أَكْلُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا بَأْسَ بِلَحْمِ نَيْءٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَلَحْمُ مُنْتِنٌ نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا يُكْرَهُ وَجَعَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا.(وَيُكْرَهُ الْخُبْزُ الْكِبَارُ) قَالَ الْإِمَامُ: لَيْسَ فِيهِ بَرَكَةٌ (وَ) يُكْرَهُ (وَضْعُهُ) أَيْ الْخُبْزِ (تَحْتَ الْقَصْعَةِ) لَا فَوْقهَا وَحَرَّمَهُ الْآمِدِيُّ..(فَصْل): حكم الْمُضْطَرِّ: (وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى مُحَرَّمٍ مِمَّا ذَكَرْنَا حَضَرًا أَوْ سَفَرًا سِوَى سُمٍّ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يَضُرُّ وَاضْطِرَارُهُ (بِأَنْ يَخَافَ التَّلَفَ إمَّا مِنْ جُوعٍ أَوْ يَخَافَ إنْ تَرَكَ الْأَكْلَ عَجَزَ عَنْ الْمَشْيِ وَانْقَطَعَ عَنْ الرُّفْقَةِ فَيَهْلِكَ أَوْ يَعْجِزَ عَنْ الرُّكُوبِ فَيَهْلِكَ وَلَا يَتَقَيَّدَ ذَلِكَ بِزَمَنٍ مَخْصُوصٍ) لِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فِي ذَلِكَ (وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ) أَيْ الْمُحَرَّمِ (مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْقَافِ أَيْ بَقِيَّةَ رُوحِهِ (وَيَأْمَنُ مَعَهُ الْمَوْتَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} وَقَوْلِهِ {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ} (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (الشِّبَعُ) مِنْ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ الْآيَةَ دَلَّتْ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَاسْتَثْنَى مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ فَإِذَا انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ لَمْ يَحِلَّ الْأَكْلُ كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ (كَمَا) يَحْرُمُ مَا (فَوْقَ الشِّبَعِ) إجْمَاعًا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ الْمُبْدِعِ (وَقَالَ الْمُوَفَّقُ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ إنْ كَانَتْ الضَّرُورَةُ مُسْتَمِرَّةً جَازَ الشِّبَعُ وَإِنْ كَانَتْ) الْحَاجَةُ (مَرْجُوَّةَ الزَّوَالِ فَلَا) يَشْبَعُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ (وَلَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ) أَيْ الْمُحَرَّمِ (إنْ خَافَ الْحَاجَةَ) إنْ لَمْ يَتَزَوَّدْ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِي اسْتِصْحَابِهَا وَلَا فِي إعْدَادِهَا لِدَفْعِ ضَرُورَتِهِ وَقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا إلَّا عِنْدَ ضَرُورَتِهِ (فَإِنْ تَزَوَّدَ فَلَقِيَهُ مُضْطَرٌّ آخَرُ لَمْ يَجُزْ لَهُ بَيْعُهُ) مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ كَبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَيَلْزَمُهُ إعْطَاؤُهُ) مِنْهُ (بِغَيْرِ عِوَضٍ إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ) أَيْ الْمُتَزَوِّدُ (مُضْطَرًّا فِي الْحَالِ إلَى مَا مَعَهُ) فَلَا يُعْطِي غَيْرَهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ (وَيَجِبُ) عَلَى الْمُضْطَرِّ (تَقْدِيمُ السُّؤَالِ عَلَى أَكْلِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَقَالَ لِسَائِلٍ قُمْ قَائِمًا لِيَكُونَ لَهُ عُذْرٌ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ الْقَاضِي: أَثِمَ إذَا لَمْ يَسْأَلْ وَنَقَلَ الْأَثْرَمُ: إنْ اُضْطُرَّ إلَى الْمَسْأَلَةِ فَهِيَ مُبَاحَةٌ قِيلَ: فَإِنْ تَوَقَّفَ قَالَ: مَا أَظُنُّ أَحَدًا يَمُوتُ مِنْ الْجُوعِ اللَّهُ يَأْتِيهِ بِرِزْقِهِ (وَقَالَ الشَّيْخُ: لَا يَجِبُ) تَقْدِيمُ السُّؤَالِ (وَلَا يَأْثَمُ) بِعَدَمِهِ (وَأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ) لِظَاهِرِ نَقْلِ الْأَثْرَمِ (وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (مَنْ يُطْعِمُهُ وَيَسْقِيهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِامْتِنَاعُ) لِأَنَّهُ إلْقَاءٌ بِنَفْسِهِ إلَى الْهَلَاكِ (وَ) لَا (الْعُدُولُ إلَى الْمَيْتَةِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مُضْطَرٍّ إلَيْهَا (إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَسُمَّهُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّعَامِ (أَوْ يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا يَضُرُّهُ وَيَخَافُ أَنْ يُهْلِكَهُ أَوْ يُمْرِضَهُ) فَيَمْتَنِعَ مِنْهُ وَيَعْدِلَ إلَى الْمَيْتَةِ لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهَا.(وَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا مَعَ صَاحِبِهِ وَمَيْتَةً وَامْتَنَعَ) رَبُّ الطَّعَامِ (مِنْ بَذْلِهِ) لِلْمُضْطَرِّ (أَوْ بَيْعِهِ مِنْهُ وَوَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (ثَمَنَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ) أَيْ لِلْمُضْطَرِّ (مُكَابَرَتُهُ) أَيْ رَبِّ الطَّعَامِ (عَلَيْهِ وَأَخَذَهُ مِنْهُ) لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إلَيْهِ بِالْمَيْتَةِ.(وَيَعْدِلُ) الْمُضْطَرُّ (إلَى الْمَيْتَةِ سَوَاءٌ كَانَ) الْمُضْطَرُّ (ثَوْبًا يَخَافُ مِنْ مُكَابَرَتِهِ التَّلَفَ أَوْ لَمْ يَخَفْ) التَّلَفَ.(وَإِنْ بَذَلَهُ) أَيْ الطَّعَامَ رَبُّهُ (لَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (بِثَمَنِ مِثْلِهِ وَقَدَرَ) الْمُضْطَرُّ (عَلَى الثَّمَنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَكْلُ الْمَيْتَةِ) لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا بِالْمُبَاحِ.(وَإِنْ بَذَلَهُ) أَيْ الطَّعَامَ رَبُّهُ (بِزِيَادَةٍ لَا تُجْحِفُ أَيْ لَا تَكْثُرُ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ) كَالرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ لِنَذْرِهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَاءِ الْوُضُوءِ.(وَإِنْ كَانَ الْمُضْطَرُّ عَاجِزًا عَنْ الثَّمَنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْعَادِمِ) لِمَا يَشْتَرِيهِ فَتَحِلُّ لَهُ الْمَيْتَةُ.(وَإِنْ امْتَنَعَ) رَبُّ الطَّعَامِ (مِنْ بَذْلِهِ) لِلْمُضْطَرِّ (إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ فَاشْتَرَاهُ الْمُضْطَرُّ بِذَلِكَ) كَرَاهَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنَهُمَا دَمٌ أَوْ عَجَزَا عَنْ قِتَالِهِ (لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ الْمُضْطَرَّ (أَكْثَرُ مِنْ مِثْلِهِ) لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَى رَبِّهِ بَذْلُهُ بِقِيمَتِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَكْثَرَ مِنْهَا فَإِنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ رَدَّهُ وَإِلَّا سَقَطَ.(وَلَيْسَ لِلْمُضْطَرِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَ) الْقِنِّ (الْآبِقِ الْأَكْلُ مِنْ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا) مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ.قَوْله تَعَالَى {فَمَنْ اُضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ} (إلَّا أَنْ يَتُوبَ) مِنْ الْمَعْصِيَةِ فَيَأْكُلَ مِنْ الْمُحَرَّمِ، لِأَنَّهُ صَارَ بِالتَّوْبَةِ مِنْ أَهْلِ الرُّخْصَةِ.(وَإِنْ وَجَدَ طَعَامًا جَهِلَ مَالِكَهُ وَمَيْتَةً) أَكَلَ الْمَيْتَةَ إنْ أَمْكَنَ رَدُّ الطَّعَامِ إلَى رَبِّهِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الشُّحِّ وَالضِّيقِ وَحَقُّهُ يَلْزَمُهُ غَرَامَتُهُ بِخِلَافِ حَقِّ اللَّهِ.وَفِي الْفُنُونِ قَالَ حَنْبَلٌ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُنَا خِلَافَ هَذَا فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ إلَى رَبِّهِ بِعَيْنِهِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْإِنَاءَاتِ الَّتِي لَا يُعْرَفُ مَالِكُهَا قَدَّمَ أَكْلَهَا عَلَى الْمَيْتَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.(أَوْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (صَيْدًا حَيًّا وَهُوَ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةً أَكَلَ مِنْ الْمَيْتَةِ) لِأَنَّ ذَبْحَ الصَّيْدِ جِنَايَةٌ لَا تَجُوزُ لَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ (وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (صَيْدًا وَطَعَامًا جَهِلَ مَالِكَهُ بِلَا مَيْتَةٍ وَهُوَ) أَيْ الْمُضْطَرُّ (مُحْرِمٌ أَكْلَ الطَّعَامَ) لِاضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَفِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ (وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (لَحْمَ صَيْدِ ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ وَمَيْتَةً أَكَلَ مِنْ لَحْمِ الصَّيْدِ قَالَهُ الْقَاضِي) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهُوَ أَظْهَرُ.وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ يَأْكُلُ مِنْ الْمَيْتَةِ انْتَهَى.وَوَجْهُ الْأَوَّلِ تَمْيِيزُ الصَّيْدِ الَّذِي ذَبَحَهُ مُحْرِمٌ بِالِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهُ مُذَكًّى مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِيهِ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ (وَلَوْ وُجِدَ بَيْضَ صَيْدٍ) سَلِيمًا (وَمَيْتَةً فَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي: يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَلَا يَكْسِرُهُ) لِأَنَّ كَسْرَهُ جِنَايَةٌ لَا تَجُوزُ لَهُ حَالَ الْإِحْرَامِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى.(وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُحْرِمُ الْمُضْطَرُّ (إلَّا صَيْدًا ذَبَحَهُ وَكَانَ ذَكِيًّا طَاهِرًا وَلَيْسَ بِنَجِسٍ وَلَا مَيْتَةٍ فِي حَقِّهِ) لِإِبَاحَتِهِ لَهُ إذَنْ (وَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ فِي مَحَلِّ الذَّبْحِ) وَهُوَ الْحُلْقُومُ وَالْمَرِيءُ (وَتُعْتَبَرُ شُرُوطُ الذَّكَاةِ فِيهِ) كَسَائِرِ مَا يُذَكَّى (وَلَهُ الشِّبَعُ مِنْهُ) لِأَنَّهُ ذَكِيٌّ لَا مَيْتَةَ (وَلَا يَجُوزُ) لَهُ (قَتْلُهُ) إذَنْ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَكَاتِهِ كَالْأَهْلِيِّ الْمَأْكُولِ، وَهُوَ مَيْتَةٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَلَا يُبَاحُ إلَّا لِمَنْ تُبَاحُ لَهُ الْمَيْتَةُ وَتَقَدَّمَ فِي مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَكَذَا لَوْ اُضْطُرَّ إلَى صَيْدٍ بِالْحَرَمِ.(وَلَوْ اشْتَبَهَتْ مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمَا تَحَرَّى الْمُضْطَرُّ فِيهِمَا) أَيْ اجْتَهَدَ وَأَكَلَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا الْمُذَكَّاةُ لِلْحَاجَةِ (وَحَرُمَتَا عَلَى غَيْرِهِ) مِمَّنْ لَيْسَ بِمُضْطَرٍّ كَمَا لَوْ اشْتَبَهَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّاتٍ.(وَلَوْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ (مَيْتَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِي أَحَدِهِمَا) فَقَطْ (أَكَلَهَا دُونَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا) لِأَنَّ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا مُبَاحَةٌ عَلَى قَوْلِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَإِذَا وَجَدَهَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمُبَاحِ عَلَى ذَلِكَ، الْقَوْلِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأُخْرَى وَلِأَنَّهَا أَخَفُّ (وَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُضْطَرُّ (شَيْئًا) مُبَاحًا وَلَا مُحَرَّمًا (لَمْ يُبَحْ لَهُ أَكْلُ بَعْضَ أَعْضَائِهِ) لِأَنَّهُ يُتْلِفُهُ لِتَحْصِيلِ مَا هُوَ مَوْهُومٌ.(وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا طَعَامًا) لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ إلَّا (مَا لَمْ يَبْذُلْهُ مَالِكُهُ فَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ وَلَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ) بِأَنْ كَانَ خَائِفًا أَنْ يُضْطَرَّ (فَهُوَ) أَيْ صَاحِبُهُ (أَحَقُّ بِهِ) لِأَنَّهُ سَاوَاهُ فِي الضَّرُورَةِ وَانْفَرَدَ بِالْمِلْكِ أَشْبَهَ غَيْرَ حَالَةِ الِاضْطِرَارِ (إلَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَهُ أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ وَيَلْزَمُ كُلُّ أَحَدٍ أَنْ يَقِيَهُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَهُ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (طَلَبُهُ) أَيْ الْمَاءِ مِنْ الْعَطْشَانِ وَنَحْوِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}.(وَلَيْسَ لِلْمُضْطَرِّ الْإِيثَارُ بِالطَّعَامِ الَّذِي مَعَهُ فِي حَالَ اضْطِرَارِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَة} (وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُضْطَرِّ طَعَامَهُ الْمُضْطَرَّ إلَيْهِ فَإِنْ أَخَذَهُ فَمَاتَ) صَاحِبُهُ جُوعًا (لَزِمَهُ) أَيْ الْآخِذَ (ضَمَانُهُ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ ظُلْمًا (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ مُضْطَرًّا إلَيْهِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ) لِلْمُضْطَرِّ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ إحْيَاءُ نَفْسٍ آدَمِيٍّ مَعْصُومٍ فَلَزِمَهُ بَذْلُهُ كَمَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ مَنَافِعِهِ فِي تَخْلِيصِهِ مِنْ الْغَرَقِ.(فَإِنْ أَبَى) رَبُّ الطَّعَامِ بَذْلَهُ (أَخَذَهُ) الْمُضْطَرُّ (بِالْأَسْهَلِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ اسْتِرْضَاءٍ وَلَا يَجُوزُ قِتَالُهُ) حَيْثُ أَمْكَنَ أَخَذَهُ بِدُونِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ كَدَفْعِ الصَّائِلِ (فَإِنْ أَبَى) رَبُّ الطَّعَامِ بَذْلَهُ بِالْأَسْهَلِ (أَخَذَهُ) الْمُضْطَرُّ (قَهْرًا) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ دُونَ مَالِكِهِ (وَيُعْطِيهِ) الْمُضْطَرُّ (عِوَضَهُ) أَيْ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى مَالِكِهِ فَوَاتُ الْعَيْنِ وَالْمَالِيَّةِ (فَإِنْ مَنَعَهُ) أَيْ مَنَعَ رَبُّ الطَّعَامِ الْمُضْطَرَّ مِنْ أَخْذِهِ (فَلَهُ قِتَالُهُ عَلَى مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَانِعِي الزَّكَاةِ.(فَإِنْ قُتِلَ صَاحِبُ الطَّعَامِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُهُ) لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِقِتَالِهِ أَشْبَهَ الصَّائِلَ (وَإِنْ قُتِلَ الْمُضْطَرُّ فَعَلَيْهِ) أَيْ صَاحِبِ الطَّعَامِ (ضَمَانُهُ) لِأَنَّهُ قَتَلَهُ ظُلْمًا (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُضْطَرَّ (عِوَضُهُ) أَيْ الطَّعَامِ (فِي كُلِّ مَوْضِعٍ أَخَذَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) الْعِوَضُ (مَعَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (فِي الْحَالِ) بِأَنْ كَانَ مُعْسَرًا (لَزِمَهُ) الْعِوَضُ (فِي ذِمَّتِهِ) إذَا أَيْسَرَ لِلضَّرُورَةِ (فَإِنْ بَادَرَ صَاحِبُ الطَّعَامِ فَبَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ) وَنَحْوَهُ (قَبْلَ الطَّلَبِ صَحَّ) تَصَرُّفُهُ لِأَنَّهُ مَالِكٌ تَامُّ الْمِلْكِ كَالشَّفِيعِ قَبْلَ الطَّلَبِ (وَيَسْتَحِقُّ) الْمُضْطَرُّ (أَخْذَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُشْتَرِي) كَالْمَالِكِ الْأَوَّلِ.(وَ) إنْ كَانَ تَصَرُّفُهُ (بَعْدَ الطَّلَبِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْأَظْهَرِ قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ) قَالَ: كَمَا لَوْ طَالَبَ الشَّفِيعُ قَالَ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّفِيعَ حَقُّهُ مُنْحَصِرٌ فِي عَيْنِ الشِّقْصِ وَهَذَا حَقُّهُ فِي سَدِّ الرَّمَقِ وَلِهَذَا كَانَ إطْعَامُهُ فَرْضًا عَلَى الْكِفَايَةِ فَإِذَا نَقَلَهُ إلَى غَيْرِهِ تَعَلَّقَ الْحَقُّ بِذَلِكَ الْغَيْرِ وَوَجَبَ الْبَذْلُ عَلَيْهِ انْتَهَى وَلِهَذَا أَطْلَقَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: أَنَّهُ يَصِحُّ.(وَلَوْ بَذَلَهُ) أَيْ الطَّعَامَ رَبُّهُ لِلْمُضْطَرِّ (بِثَمَنٍ مِثْلِهِ لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَلَوْ كَانَ مُعْسَرًا) وَيُعْطِيهِ ثَمَنَهُ إذَا أَيْسَرَ.(وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ) لِطَعَامٍ (مِنْ الْبَيْعِ) لِلْمُضْطَرِّ (إلَّا بِعَقْدِ رِبَا جَازَ) لِلْمُضْطَرِّ (أَخْذُهُ مِنْهُ قَهْرًا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ جَمَاعَةٍ) لِإِطْلَاقِهِمْ تَحْرِيمُ الرِّبَا (فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ) الْمُضْطَرُّ (عَلَى قَهْرِهِ دَخَلَ) مَعَهُ (فِي الْعَقْدِ) صُورَةً كَرَاهِيَةَ أَنْ يَجْرِيَ بَيْنهمَا دَمٌ (وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يُتِمَّ عَقْدُ الرِّبَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحَرَّمَ الرِّبَا} (فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ) الَّذِي فِيهِ الرِّبَا (نَسَاءً عَزَمَ) الْمُضْطَرُّ (عَلَى أَنَّ الْعِوَضَ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ قَرْضٌ) تَخَلُّصًا مِنْ إتْمَامِ الرِّبَا.(وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقِيلَ إنَّ لَهُ) أَيْ الْمُضْطَرِّ (أَنْ يُظْهِرَ صُورَةَ الرِّبَا وَلَا يُقَاتِلُهُ) لِئَلَّا يَجْرِيَ بَيْنهمَا دَمٌ (وَيَكُونَ) الْمُضْطَرُّ (كَالْمُكْرَهِ) عَلَى مُحَرَّمٍ لِدُعَاءِ ضَرُورَتِهِ إلَيْهِ، وَلَا يَأْثَمُ (فَيُعْطِيهِ مِنْ عَقْدِ الرِّبَا صُورَتَهُ لَا حَقِيقَتَهُ لَكَانَ أَقْوَى) تَخَلُّصًا مِنْ الْقِتَالِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَى قَتْلِ أَحَدِهِمَا.(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمُضْطَرُّ (إلَّا آدَمِيًّا مَحْقُونَ الدَّمِ لَمْ يُبَحْ قَتْلُهُ وَلَا إتْلَافُ عُضْوٍ مِنْهُ مُسْلِمًا كَانَ) الْمَحْقُونُ (أَوْ كَافِرًا) ذِمِّيًّا أَوْ مُسْتَأْمَنًا لِأَنَّ الْمَعْصُومُ الْحَيَّ مِثْلُ الْمُضْطَرِّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إبْقَاءُ نَفْسِهِ بِإِتْلَافِ مِثْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْآدَمِيُّ (مُبَاحَ الدَّمِ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ) وَالْقَاتِلِ فِي الْمُحَارَبَةِ (حَلَّ قَتْلُهُ وَأَكْلُهُ) لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ السِّبَاعِ (وَكَذَا) لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ (بَعْد مَوْتِهِ) لِعَدَمِ حُرْمَتِهِ.(وَإِنْ وَجَدَ) الْمُضْطَرُّ آدَمِيًّا (مَعْصُومًا مَيِّتًا لَمْ يُبَحْ أَكْلُهُ) لِأَنَّهُ كَالْحَيِّ فِي الْحُرْمَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِ عَظْمِ الْحَيِّ».(وَمَنْ اُضْطُرَّ إلَى نَفْعِ مَالِ الْغَيْرِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ) أَيْ الْمَالِ (لِدَفْعِ بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ) ل (اسْتِقَاءِ مَاءٍ وَنَحْوِهِ) كَالْمِقْدَحَةِ (وَجَبَ) عَلَى رَبِّهِ (بَذْلُهُ) لِلْمُضْطَرِّ إلَيْهِ (مَجَّانًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَمَّ عَلَى مَنْعِهِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.(وَإِذَا اشْتَدَّتْ الْمَخْمَصَةُ فِي سَنَةِ مَجَاعَةٍ وَأَصَابَتْ الضَّرُورَةُ خَلْقًا كَثِيرًا وَكَانَ عِنْدَ بَعْضِ النَّاسِ قَدْرُ كِفَايَتِهِ وَكِفَايَةُ عِيَالِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّينَ وَلَيْسَ لَهُمْ) أَيْ الْمُضْطَرِّينَ (أَخْذُهُ مِنْهُ) لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ (وَإِنْ لَمْ يَبْقَ دِرْهَمٌ مُبَاحٌ أَكَلَ عَادَتَهُ لَا مَا لَهُ عَنْهُ غِنًى كَحَلْوَى وَفَاكِهَةٍ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ) وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ فِي الْغَصْبِ (وَتَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ).(وَالتِّرْيَاقِ) قَدْ تُبَدَّلُ تَاؤُهُ دَالًا أَوْ طَاءً (الَّذِي فِيهِ مِنْ لُحُومِ الْحَيَّاتِ أَوْ) فِيهِ شَيْءٌ (مِنْ الْخَمْرِ مُحَرَّمٌ) لِأَنَّ الْحَيَّةَ وَالْخَمْرَ مُحَرَّمَاتٌ بِخِلَافِ التِّرْيَاقِ الْخَالِي مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُبَاحُ.(وَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِشَيْءٍ مُحَرَّمٍ أَوْ) بِشَيْءٍ (فِيهِ مُحَرَّمٌ كَأَلْبَانِ الْأُتُنِ وَلَحْمِ شَيْءٍ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَا بِشُرْبِ مُسْكِرٍ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ» وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ وَتَقَدَّمَ يَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ إبِلٍ انْتَهَى.
|